تسعى منظمة الهيدروجين الأخضر العالمية إلى تعزيز خطة تحوّل الطاقة من خلال تحسين السياسات والاستثمارات في الطاقة النظيفة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وأكد الرئيس التنفيذي للمنظمة جوناس موبيرج، أن منظمته تدعم الدول العربية لتحقيق الريادة في قطاع الهيدروجين الأخضر في ظل ما تتمتع به من موارد هائلة من الطاقة المتجددة.
وتُعدّ منظمة الهيدروجين الأخضر (GH2) مؤسسة غير ربحية، مقرّها في سويسرا، تهدف إلى تسريع إنتاج واستعمال الهيدروجين الأخضر عالميًا.
وتركّز المنظمة على إزالة الكربون من القطاعات الصناعية الثقيلة مثل الصلب والأسمنت والأسمدة والطيران، حيث ما تزال هذه القطاعات تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
وكشف موبيرج -خلال حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أحدث تطورات قطاع الهيدروجين الأخضر والسيناريوهات المتوقعة لتطوره خلال المدة المقبلة، متحدثًا بصفة خاصة عن دول مصر والجزائر والمغرب، بصفتها الأكثر ريادة وإمكان التصدير منها إلى أوروبا.
وإلى نص الحوار:
ما دور منظمة الهيدروجين الأخضر في تعزيز خطة تحول الطاقة؟
بذلت منظمة الهيدروجين الأخضر جهودًا مكثفة خلال الأعوام الماضية للدخول في شراكات مع الحكومات والقطاع الخاص، من أجل العمل على تسريع خطة تحول الطاقة، مع التركيز على مساعدة الدول النامية لتصبح مراكز رئيسة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
فنحن نعمل في 20 دولة في أوروبا وأميركا اللاتينية، بالإضافة إلى الصين والهند وبعض الدول العربية مثل مصر والمغرب.
كما تستهدف منظمة الهيدروجين الأخضر -في المقام الأول- تسريع إنتاج واستعمال الهيدروجين على نطاق واسع عبر مجموعة من القطاعات على مستوى العالم، لا سيما القطاعات كثيفة الانبعاثات مثل صناعة الصلب والأسمنت والأسمدة والنقل.
كما نعمل على التنسيق بين الحكومات والقطاع الصناعي والمجتمع المدني من أجل التوسع في إنتاج واستعمال الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم.
ونحن نؤمن بدور الهيدروجين الأخضر في مواجهة تحديات تغير المناخ وخفض الانبعاثات الكربونية من قطاعات كبيرة من الاقتصاد العالمي، لذا نحرص على أن يحظى بالأولوية المطلوبة، لا سيما في ظل الترويج للهيدروجين المشتق من الوقود الأحفوري.
وتدعو المنظمة الحكومات إلى تطوير إستراتيجيات مخصصة للهيدروجين الأخضر، ونحن ندعم البحث والتطوير المستمر لتسريع الابتكارات التي من شأنها زيادة نطاق وكفاءة وخفض تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر.

كما تتبنى المنظمة 3 مبادرات رئيسة، تتمثل في: ضمان أن يكون الهيدروجين المنتج نظيفًا ومستدامًا، والتخطيط السريع لتسريع تراخيص المشروعات الجديدة، ودعم التشريعات والتمويل لدعم بيئة استثمارية مواتية للهيدروجين الأخضر.
وتسعى المنظمة إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في رفع مساهمة الهيدروجين الأخضر إلى 25% من احتياجات الطاقة العالمية بحلول عام 2050.
هل تسهم منظمة الهيدروجين الأخضر بدعم التقنيات الجديدة في إنتاجه؟
نعم، ولكن مهمتنا تركّز بشكل أكبر على توفير التمويلات اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فهناك مؤسسات ومعاهد تولي اهتمامًا أكبر بمجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا.
كيف تقيّمون التقدم في مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميًا؟
يشهد قطاع الهيدروجين الأخضر نموًا سريعًا، خاصة مع ازدياد الطلب على الطاقة النظيفة، ففي أفريقيا -على سبيل المثال- هناك 41 مشروعًا قيد التطوير بقيادة دول مثل مصر والمغرب والجزائر، مما يؤهل القارة للريادة في السوق العالمية.
وهناك تحالفات دولية تعمل على تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع، مثل تحالف الهيدروجين الأخضر الأفريقي.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه التوسع في قطاع الهيدروجين الأخضر؟
على الرغم من الفرص والموارد الهائلة التي تملكها بعض الدول، ما تزال هناك تحديات تتمثل في البنية التحتية، وتكاليف الإنتاج المرتفعة، وغياب التشريعات واللوائح التنظيمية الواضحة.
كما أن الوصول إلى قرارات استثمارية نهائية لمشروعات الهيدروجين ما يزال بحاجة إلى مزيد من الالتزامات من الحكومات والقطاع الخاص.
ما دور المنظمة بدعم قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر؟
المنظمة تعمل مع مصر بصورة مكثفة للتوسع في هذا القطاع المهم، وأنشأنا مركزًا عالميًا للتميز في الهيدروجين الأخضر والتمويل المناخي للطاقة المتجددة في جامعة النيل.
ونسعى إلى دعم اقتصاد الهيدروجين والأمونيا الخضراء في مصر من خلال التعاون المكثف مع الحكومة المصرية من أجل دعم المشروعات الجديدة.
وأعتقد أن مصر قد حققت تقدمًا كبيرًا في هذا القطاع من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية وتعزيز الاستثمارات في مشروعات الهيدروجين الأخضر، مما يجعلها مؤهلة لتصبح مركزًا إقليميًا في هذا المجال.
وتشهد سوق الهيدروجين في مصر نموًا متزايدًا، إلّا أنها ما تزال تواجه تحديات تتعلق بالتكنولوجيا والتكاليف المرتفعة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتخزينه.
كما أنه لا بد من دعم التشريعات والبنية التحتية لتسهيل تطوير هذا القطاع، وتعزيز التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لدفع عجلة الاستثمار والابتكار في هذا المجال.
هل هناك دول عربية مؤهلة للريادة في قطاع الهيدروجين الأخضر؟
تؤدي الدول العربية دورًا محوريًا في هذا القطاع، نظرًا لما تملكه من موارد ضخمة من طاقتي الشمس والرياح تمكّنها من التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
حيث تعمل مصر والجزائر والمغرب على تطوير إستراتيجيات وطنية للهيدروجين الأخضر، ومصر -على سبيل المثال- تستهدف إنتاج 10 ملايين طن سنويًا بحلول 2050، مع تخصيص نسبة كبيرة للتصدير.
كما أن موقع هذه الدول القريب من أوروبا يعزز فرص تصدير الهيدروجين عبر خطوط أنابيب الغاز القائمة.
كيف تسهم مؤتمرات مثل قمة الهيدروجين الأخضر التي عُقدت مؤخرًا في القاهرة بدعم هذا القطاع؟
هذه المؤتمرات تتيح الفرصة للحوار بين القادة والخبراء، وتساعد في تعزيز التعاون الدولي وتبادل الأفكار والمقترحات للتوسع في المشروعات.
وقمة القاهرة -على سبيل المثال- جمعت مسؤولين عالميين لمناقشة سبل تسريع التحول نحو الهيدروجين الأخضر، وتسليط الضوء على الحلول التكنولوجية والتمويلية المطلوبة.
ما السيناريو المتوقع لتطور قطاع الهيدروجين الأخضر خلال الأعوام المقبلة؟
نحن نشهد تحولًا كبيرًا نحو الطاقة النظيفة، والهيدروجين الأخضر يمثّل عنصرًا أساسيًا في التحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الاقتصاد الأخضر.
مع تطور التكنولوجيا وتزايد الاستثمارات، من المتوقع أن يصبح الهيدروجين الأخضر أكثر تنافسية، مما يسهم في تحقيق الأهداف العالمية للحدّ من الانبعاثات الكربونية.
هل المشروعات الحالية كافية لهذا التحول؟
على الرغم من أن مشروعات الهيدروجين الأخضر ليست كثيرة، فإنها مشروعات ضخمة يمكنها أن تضع الهيدروجين بقوة على خريطة الطاقة المستقبلية.
وأثق أن الهيدروجين الأخضر يمكنه أن يحلّ محلّ الوقود الأحفوري في المستقبل، ورغم أنه حتى الآن ما تزال أسعار النفط والغاز أرخص من الهيدروجين، فإنه يمكن تغيير هذه الصورة في المستقبل بالتأكيد.
هل تتوقع أن ينجح الهيدروجين الأخضر بتحقيق الجدوى الاقتصادية المطلوبة في المستقبل القريب؟
يمكن أن يحقق الهيدروجين الأخضر الجدوى الاقتصادية المطلوبة في مدة تتراوح ما بين 10 و20 عامًا من خلال التوسع في المشروعات الكبرى، فكلما زادت المشروعات ارتفعت الجدوى الاقتصادية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
والأمر المبشّر ما شاهدناه في قطاع الطاقة الشمسية وبطاريات التخزين، حيث بلغت القدرة نحو 300 غيغاواط من الطاقة الشمسية في العالم عام 2023، ارتفعت إلى 600 غيغاواط في 2024، أي إنها تضاعفت تقريبًا، وهذا إنجاز ضخم.
ما حجم الاستثمارات الحالية في قطاع الهيدروجين الأخضر؟ وهل تعتقد أنها كافية؟
يشهد قطاع الهيدروجين الأخضر نموًا عالميًا سريعًا، والاستثمارات الحالية في هذا القطاع ضخمة للغاية، ومن المتوقع أن يصل حجم السوق إلى نحو 11 مليار دولار بنهاية عام 2025.
وهناك توقعات بأن يصل حجم الاستثمارات إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2030، مدفوعًا بتزايد الطلب على الطاقة النظيفة ودعم الحكومات والمستثمرين لهذا القطاع المتنامي.

وتبلغ الاستثمارات في مشروعات إنتاج الهيدروجين والبنية التحتية والاستعمالات النهائية -حاليًا- نحو 510 مليار دولار، متجاوزة الأهداف المناخية الأولية لعام 2030، في حين تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق الحياد الكربوني بنحو تريليون دولار بحلول 2030.
كما شهد القطاع تضاعفًا في حجم الاستثمارات 7 مرات خلال الـ4 أعوام الماضية، مع وجود أكثر من 430 مشروعًا عالميًا قيد التنفيذ، مما يشير إلى نضج الصناعة وزيادة ثقة المستثمرين.
ولكننا ما نزال في حاجة إلى قدر هائل من الاستثمارات، ولم نصل بعد إلى الحدّ الذي يؤهّلنا للانتقال من اقتصاد النفط والغاز إلى الاقتصاد القائم على الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.
بالإضافة إلى ضرورة ضخ الاستثمارات لتوفير البنى التحتية الملائمة لنقل الهيدروجين الأخضر، إذا أردنا الانتقال من اقتصاد النفط .
هل تعتقد أن السياسات والتشريعات الحكومية الحالية كافية لتحفيز الاستثمارات في هذا القطاع؟
هناك تشريعات جيدة بالفعل، ولكن لا بد من الاستمرار في تطويرها من أجل ضمان قدرة مصادر الطاقة المتجددة على منافسة النفط والغاز.
ولا بد من جمع ضرائب الكربون من قطاع النفط والغاز على الانبعاثات وضخّها في قطاع الطاقة المتجددة، حتى تكون قادرة على المنافسة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق