إعادة انتخاب تبون لولاية ثانية في الجزائر تكرس عداء "نظام الجنرالات" للمغرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

ظلت دار لقمان على حالها في الجارة الشرقية، بإعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون لولاية ثانية. وبالمقابل، أكد خبراء أن “سياسة العداء اتجاه المغرب بدورها ستستمر”، خاصة أن أساس الحملة الانتخابية للرئيس انبنت على شعارات مناوئة للمملكة.

وفي هذا الصدد، أبرز خبراء أن ما تعيشه الجارة الشرقية يعني خمس سنوات أخرى من الجمود السياسي والاقتصادي في الجزائر؛ وهذا سيعطي الفرصة للمغرب لتعميق الفجوة التنموية والاقتصادية، وحتى العسكرية والتكنولوجية مع هذا البلد المغاربي، خاصة أن هذه العهدة الثانية تتوافق مع حدث جيوسياسي بامتياز سيشكل رافعة استثنائية لتحقيق طفرة تنموية في المغرب على كل الأصعدة، ويتعلق الأمر بتنظيم مونديال 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

أحمد نور الدين، خبير في العلاقات المغربية الجزائرية، قال إن إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون تبعث رسالة سياسية مفادها أنه “لا شيء سيتغير في السياسة العدائية تجاه المغرب إلى غاية 2029، خاصة أن الرئيس الحالي ركز في حملته الانتخابية على تصريحات معادية للمغرب ووعود بفصل الصحراء عن باقي التراب الوطني أكثر مما ركز على مشاريع تهم المواطن الجزائري”.

وأوضح نور الدين، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الحملة الانتخابية في 2024 لم تختلف كثيرا عن حملة 2019، من حيث منسوبها العالي من الكراهية والعداء تجاه المغرب؛ وهذا ليس غريباً إذا عرفنا أن عقيدة الجيش والنظام الجزائريين مبنية على معادة المغرب. وليس غريباً أيضا لأن الانتخابات الرئاسية الجزائرية هي مجرد مسرحية لإضفاء الشرعية على المرشح الذي يختاره ويعينه الجنرالات الجزائريون، وهذا ما عبر عنه شعار الحراك الشعبي الجزائري (تبون مزور.. جابوه العسكر)”.

وتابع الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية مؤكدا أن “النتائج الرسمية التي أعلنت عنها السلطات الجزائرية أثبتت هذه الحقيقة؛ فنسبة المشاركة لم تتجاوز 22 في المائة من مجموع المسجلين في قوائم الانتخابات، وهي نسبة رغم ضآلتها شهدت تراجعاً مقارنة مع انتخابات 2019، مما يعني أن حوالي 80 في المائة من الشعب الجزائري قاطعت الانتخابات للمرة الثانية على التوالي. كما قاطعت بنفس النسبة الاستفتاء على الدستور، ثم الانتخابات البرلمانية”.

ونبه المتحدث ذاته إلى أن “العهدة الثانية للرئيس تبون تمثل خيار الجيش الجزائري وحده، ولا تمثل تطلعات الشعب الجزائري. ونحن نعلم أن العسكر الجزائري، وعلى لسان قائد الجيش الحالي الجنرال سعيد شنقريحة، صرح مرارا وتكرارا بأن المغرب هو العدو الكلاسيكي والعدو الاستراتيجي للجزائر. وقد ترجم السيد تبون هذا التوجه خلال عهدته الأولى من خلال توجيه ربع ميزانية الدولة نحو شراء الأسلحة وتجهيز الجيش، في وقت يغرق فيه الاقتصاد الجزائري في الوحل”.

وتابع: “خلال تلك العهدة، اقترب البلدان أكثر من أي وقت مضى من الدخول في حرب إقليمية شاملة سعت إليها الجزائر من خلال استفزاز المغرب بكل الوسائل؛ تارة بمناورات برية وبحرية وجوية بالذخيرة الحية وعلى التماس مع التراب المغربي على طول 1600 كلم من السعيدية شمالاً إلى تندوف جنوباً، وتارة ثانية من خلال اقتحام أراض مغربية كما حدث في واحة العرجا سنة 2021، وتارة ثالثة من خلال إطلاق النار وقتل شباب في عمر الزهور كما وقع في شاطئ السعيدية، وتارة رابعة من خلال إطلاق صواريخ باتجاه الجدار الأمني وقع بعضها ضواحي مدينة السمارة. وكانت لحظة الذروة في هذا التوجه نحو الحرب واضحة حين قررت الجزائر في 24 غشت 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية من جانب واحد مع المغرب، ومنعت حتى الطيران المدني من عبور أجوائها، وشرعت في حشود عسكرية على حدودنا الشرقية، وصرح الرئيس تبون بأن العلاقات مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، أي الحرب بتعبير آخر”.

ونبه الخبير المغربي إلى أن “تراجع الجنرالات الجزائريين عن ارتكاب حماقة الحرب راجع إلى عوامل خارجية وجيوسياسية أكثر من أي شيء آخر؛ ومنها على الخصوص تصاعد الحرب الأوكرانية وما أفرزته من عجز المصانع الروسية عن تلبية طلب جيشها من العتاد والذخائر، مما يعني عجزها عن تلبية حاجات الجزائر إلى الذخائر وقطع الغيار لو أنها كانت قد دخلت الحرب، أضف إلى ذلك عاملاً مهما يرتبط بنوعية التحالفات الاستراتيجية والعسكرية التي عقدها المغرب في السنوات الأخيرة، والتفوق الاستخباراتي وفي مجال الاتصالات بالأقمار الصناعية والجيل الرابع من الحروب التي تعتمد على الحرب الإلكترونية والمسيرات والتشويش على الاتصالات واختراقها أو قطعها عن طريق الأقمار الصناعية مما يؤدي إلى شلل العدو، ودور الطائرات الحربية من الجيل الرابع والخامس وغيرها من الأدوات التي أصبحت متاحة للمغرب بفضل تحالفاته النوعية مع فاعلين كبار في هذا المجال”.

وخلص نور الدين إلى أن “العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون هدية غير مقصودة للمغرب؛ لأنها تعني خمس سنوات أخرى من الجمود السياسي والاقتصادي في الجزائر، وتعني خمس سنوات جديدة من الخيارات الاقتصادية الفاشلة، وتعني خمس سنوات أخرى من العزلة الدبلوماسية التي وصلت إليها الجزائر في جوارها المباشر ومع شركائها التقليديين وعلى المستوى الدولي بشكل عام. وهذا سيعطي الفرصة للمغرب لتعميق الفجوة التنموية والاقتصادية وحتى العسكرية والتكنولوجية مع الجزائر، خاصة أن هذه العهدة الثانية تتوافق مع حدث جيوسياسي بامتياز سيشكل رافعة استثنائية لتحقيق طفرة تنموية في المغرب على كل الأصعدة، ويتعلق الأمر بتنظيم مونديال 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال”.

من جانبه، قال عبد الفتاح الفاتيحي، الباحث المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، إنه “بعودة انتخاب الرئيس الجزائري السابق لولاية ثانية يؤشر النظام العسكري على استمرارية نهج خيار التصعيد والتوتر في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار”.

وتابع الفاتيحي ضمن تصريح لهسبريس: “إذ لا يتوقع أن يتم تعديل العقيدة السياسية لنظام الحكم في الجزائر، لا سيما بعدما أكد تبون خلال حملته الانتخابية على الوفاء لمواقف النظام العسكري؛ ومنها استمرار استعداء المملكة المغربية في قضية وحدتها الترابية”.

وأكد الباحث المتخصص في قضايا الصحراء والشأن المغاربي أن “عبد المجيد تبون سيستمر في سياسة الهروب إلى الأمام فيما يخص عدم احترام مبدأ حسن الجوار مع دول الجوار: المغرب ومالي وليبيا والنيجر. وبذلك، سيتواصل ارتباك السياسة الخارجية للجزائر تكريسا لنهج لا للتطبيع مع المملكة المغربية واستمرارا لمعاداة المملكة عبر استمرار دعم عسكري ودبلوماسي للجمهورية الوهمية المزعومة في مخيمات تندوف وبمناكفة المواقف المغربية في مختلف المنتديات الدولية”.

ونبه المتحدث إلى أنه في ظل هذا الوضع “المملكة وقد تكيفت مع مرض عمى ألوان النظام الجزائري باعتباره مرضا مزمنا من جارتنا الشرقية وتمتلك المملكة ترياقا لتجاوز التحديات التي يمارسها النظام العسكري الجزائري بالقدر الذي يزيد من تعميق مقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل النهائي للنزاع المفتعل حول مغربية الصحراء”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق