اللعب بالنار يبشر بالدمار

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

د. وليد عتلم

الجمعة 20/سبتمبر/2024 - 08:03 م 9/20/2024 8:03:49 PM

«اللعب بالنار يبشر بالدمار» قالها وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف غالانت بالعربية محذرا حزب الله اللبنانى من تبعات الانخراط والاستمرار فى محور المقاومة تجاه الحرب القائمة فى غزة والأراضى المحتلة. لكن كان من باب أولى أن يوجه غالانت تلك الرسالة التحذيرية بالعبرية لرئيس حكومته بنيامين نتنياهو. 
نتنياهو وحكومته هم من يلعبون بالنار، يزيدون الأوضاع اشتعالا بصب المزيد من الزيت على النار فى لبنان، كل الممارسات الإسرائيلية عسكريا وسياسيا لا هم ولا مسعى لها سوى توسيع رقعة ونطاق الحرب والصراع. وذلك لهدف واحد التغطية على الفشل السياسى والانشقاقات الحادة داخل الحكومة الإسرائيلية، والمؤسسة العسكرية بدورها تريد استعراض العضلات عسكريا وتغطية الفشل العسكرى فى 7 أكتوبر وما تبعه من إخفاقات فى غزة أمام القيادة السياسية الإسرائيلية، أى علاج الفشل بالفشل، وإن لم تنفع القوة فمزيد من التعنت والقوة. 
نتنياهو لا يزال يمارس ألاعيبه السياسية لتحقيق أهدافه الشخصية أولا وأخيرا خاصة فيما يتعلق بتوفير خروج آمن له من الحكومة على الأقل فيما يتعلق بالملاحقات والمحاكمات السياسية والقضائية وإن كانت محكمة التاريخ أصدرت حكمها الأبدى. وأول من يتلاعب به نتنياهو هو الشعب الإسرائيلى، وإلا كان استجاب لجهود الوساطة ووقع اتفاق الهدنة وأعاد الرهائن، لكن كل الممارسات تؤكد أنه لا يريد ذلك. كل ما يريده نتنياهو الدماء والآلة العسكرية الإسرائيلية تعمل على رى عطش لا ينقضى لذئاب اليمين الإسرائيلية من الدماء الفلسطينية. 
آخر ألاعيب رئيس الوزراء الإسرائيلى إقالة وزير دفاعه غالانت بزعم عرقلته توسيع الهجوم فى لبنان، واستبداله بجدعون ساعر المنشق عن الليكود والمحسوب حاليا على المعارضة الإسرائيلية والمنافس الأوفر حظا لمزاحمة نتنياهو على قيادة الدولة العبرية، هنا نتنياهو يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو يحاول جذب المعارضة لحكومته مرة أخرى تحسبا لانسحاب أى من سموتريش وبن غفير، وفى الوقت ذاته يكون قد أرضى شركاء الائتلاف اليمينيين المتطرفين المطالبين بإقصاء غالانت الذى تصاعدت آراؤه بضرورة إنهاء الحرب وإبرام اتفاق مع حماس. ومن جانب آخر يضم وزيرا عُرف عنه أنه من أشد المعارضين لحل الدولتين داخل إسرائيل، وكان شديد المعارضة للانسحاب الإسرائيلى من غزة سنة 2005، ومن جانب ثالث يقدم غالانت للصحافة والرأى العام الإسرائيلى فريسة وكبش فداء لكل أخطاء وفشل الحكومة الإسرائيلية. كما أن ترشيح ساعر وزيرا للدفاع يعنى مزيدا من التطرف للمسلك العسكرى الإسرائيلى والابتعاد بمسافة كبيرة عن مربعات التهدئة، والجنوح أكثر فأكثر نحو حرب إقليمية مفتوحة متعددة الجبهات. كل ذلك رغم ما يمثله ساعر من تهديد مباشر لنتنياهو كخليفة اليمين المتطرف المنتظر وبما يمثله من جيل جديد شاب فى السياسة والحكم فى إسرائيل، وإن كان نتنياهو أكثر من يعلم أن مشروعه السياسى مضى والأهم الخروج الآمن. 
لكن يبدو أن ألاعيب نتنياهو لم تعد تلقى قبولا فى الشارع الإسرائيلى، هيئة البث العامة الإسرائيلية أظهرت فى استطلاع لها أن ترشيح جدعون ساعر وزيرا للدفاع لا يلقى قبول نحو 59% من الإسرائيليين مقابل 16% فقط يؤيدون هذا الترشيح، وأن 48% يعارضون إقالة غالانت. ورغم ذلك نتنياهو لا يلقى بألا للشارع الإسرائيلى أو توجهاته، لا يتأثر بمظاهرات عائلات الرهائن، ولا هم له سوى إرضاء شركاء ائتلاف الدم والدمار حتى لا تنهار الحكومة ويواجه مصيره البائس.
إذن تعيين ساعر وزيرا للدفاع فى جانب كبير منه مقترن بتوسيع نطاق العمليات فى لبنان ومن ثم المزيد من النار والتصعيد، وإرهاصات خطيرة لمرحلة أخطر. والنار سوف تحرق أولا من أشعلها ثم تمتد لتحرق من دعمها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق