مطالب البوليساريو تعاكس المتغيرات الدولية في قضية الصحراء المغربية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم التحولات الكبرى التي شهدها ملف الصحراء في السنوات الأخيرة، على خلفية تغيير عدد من القوى الإقليمية والدولية مواقفها من هذا النزاع لصالح الطرح المغربي، مازالت جبهة البوليساريو مصرّة على تكرار المطالب المتجاوَزة نفسها خلال لقاءاتها بالمبعوث الأممي، متشبثة بذلك بخيارات غير عملية تعاكس الإجماع الدولي حول طبيعة الحلول الممكنة لتسوية هذا النزاع الإقليمي.

وجدد إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، على هامش اجتماعه مع ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، في تندوف، مطالبته بـ”تطبيق خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية القائمة على استفتاء تقرير المصير، ليمارس الشعب الصحراوي من خلالها حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال”، بتعبيره.

ارتهان خارجي

في هذا الصدد قال محمد لمين النفاع، مسؤول عسكري سابق في البوليساريو وعضو اللجنة السياسية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، إن “الجبهة عاجزة عن مواجهة تغيّر مواقف مجموعة من القوى الدولية تجاه هذا الملف، وعاجزة أيضًا عن تطوير خطابها السياسي تماشيًا مع المتغيرات الحالية، نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها أن البوليساريو ليست سيدة قرارها، بل هي مجرد مفعول به في صراع جيوسياسي كبير بين المغرب والجزائر”.

وأضاف النفاع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإيديولوجيا التي خُلقت على أساسها البوليساريو لا تسمح بهامش كبير من الحركية السياسية، إذ قامت على هدف واحد ووحيد، وهو إقامة دولة للصحراويين في الصحراء”، مبرزًا أن “التخلي عن هذا الهدف بعد أزيد من خمسة عقود من ترديد هذا الشعار وشحن الصحراويين به سيكون بمثابة انتحار سياسي بالنسبة للبوليساريو”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “مبدأ تقرير المصير هو مبدأ غير محدود التوصيف، وتُغالط البوليساريو كثيرًا في شأنه حين تربطه بالاستقلال مستحيل التحقق بالنظر إلى مجموعة من الأسباب”، مشددًا على أن “القيادات الحالية للجبهة قيدت نفسها بأمل مستحيل التحقق، ويصعب عليها تعديل خطابها، رغم علمها بعدم واقعيته وعدم نضج شروطه السياسية والدبلوماسية”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “المتغيرات الجيو-إستراتيجية في المنطقة تفرض ضرورة البحث عن حلول بديلة لخيار الاستقلال، تضمن أمن واستقرار المنطقة، من خلال خيار الحكم الذاتي الذي يجب على الرباط أن تشرحه للصحراويين”، معتبرًا أن “المغرب يجب عليه كذلك أن يبحث عن مفاوضين جدد عوض القيادة الحالية للبوليساريو التي لا يمكن أن تقبل بأي حل خارج ما وعدت به الصحراويين”.

ضعف داخلي

من جانبه قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير الصراع، إن “البوليساريو تُصرّ على تكرار مطالب باتت متجاوزة، وفي مقدمتها مطلب ‘الاستفتاء’، الذي سقط من أجندة الحلول الواقعية بتوافق دولي واسع”، مؤكدًا أن “هذا الإصرار المتكرر يثير العديد من علامات الاستفهام حول خلفياته السياسية، وجدواه التفاوضية، وانعكاساته على مصداقية العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة”.

وأضاف المصرّح لهسبريس أن “ميليشيا البوليساريو الإرهابية ما هي إلا واحدة من الأدوات المتعددة للنظام الشمولي الجزائري من أجل فرض المخطط البومديني للهيمنة الإقليمية على دول الجوار، وبالتالي فهي لا تمتلك القرار السيادي الذي يخول لها أن تعيد تشكيل خطابها السياسي ومرجعيتها الإيديولوجية انطلاقًا من التغيرات الجوهرية والتاريخية التي يعرفها المسار السياسي والعسكري للصراع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وأبرز المتحدث ذاته أن “فشل البوليساريو في إعادة صياغة موقف فكري متوازن مرده إلى عوامل داخلية وخارجية، مرتبطة أساسًا بغياب مشروع مجتمعي حقيقي بسبب ارتهانها للأجندات الخارجية، وبطبيعة تشكيلها القبلي المبني على الولاءات القبلية والمصالح الذاتية، إضافة إلى ارتهانها لصانع القرار العسكري والأمني في الجزائر”، مشيرًا إلى أن “سقوط الفاعل السياسي للجبهة دوليًا في النمطية هو تأكيد على تبعيتها لمخططات جنرالات الجزائر، وعدم قدرتها على صياغة موقف سياسي ودبلوماسي يتناغم مع التحولات الجوهرية التي عرفها ملف الصحراء المغربية”.

وأكد البراق شادي أن “الانتصارات الميدانية السياسية والعسكرية للمملكة المغربية في ملف الصحراء أدت إلى تراجع خطاب ‘تقرير المصير’ ومرويات ميليشيا البوليساريو ومشغّلتها الجزائر، إذ إن الانخراط الواسع لدول العالم في دعم المقترح المغربي القائم على الجدية والالتزام، كما هو الشأن بالنسبة لقرارات الأمم المتحدة، أصبح يشكّل للميليشيا الانفصالية في تندوف عوامل انكسار سياسي وفشل إيديولوجي ونهاية مسار الانفصال”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق