المنظر المغربي الحبيب الطالب يدلي بشهادات في "أوراق من تجربة اليسار"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعنوان “أوراق من تجربة اليسار” صدر للمُنظّر محمد الحبيب طالب، أحد أبرز مؤسّسي “منظمة 23 مارس”، وأحد القياديين البارزين في تاريخ اليسار المغربي، كتاب جديد، عن منشورات فصلية “النهضة”.

ويقول تقديم الفصلية الفكرية: “ليس اسماً عادياً هو اسم ُ الأستاذ محمد الحبيب طالب، هو واحدٌ من أَظهر رموز العمل السّياسي: الوطني والديمقراطي والاشتراكي وأَمْيَزِهم؛ مُنظّرٌ للعمل السياسي من طرازٍ فريد انعقدت له المرجعيّة في بيئة جيله من مؤسِّسي تنظيمات اليسار الجديد، ومن مناضلي جيلٍ تال تَلْمذ له ولرفاقه وانخرط في عمل فتحت له موضوعةُ الاشتراكيّة أفقاً جديداً في مطالع عقد السبعينيّات من القرن الماضي”.

وتابع التقديم: “ما احْتاز محمد الحبيب طالب ذلك كلَّه، وشهِد له به السواد الأعظم، إلاّ لأنّه راكم معرفةً نظريّةً وتاريخيّة ثرَّة في ميدان الفكر السّياسي جنباً إلى جنب مع تجربةٍ في الممارسة الحزبيّة امتدت منذ العام 1958 تقلَّب فيها بين نماذج سياسيّة-تنظيميّة عدّة: وطنيّة، تقدميّة، يساريّة.”

ثم ذكرت فصلية “النهضة”: “لسنا نتزيَّد في القول حين نقول إن الرجل كرَّس نفسه بوصفه صاحب قلم سياسي في المغرب، في الخمسين عاماً الأخيرة؛ حيثُ مقالاتُه ونصوصُه التّوجيهيّة كانت الأَضْوأَ والأَبْعدَ مدىً في الرُّؤية في كل التّأليف السياسي داخل بيئات اليسار في المغرب. للأدوار التّاريخيّة الكبرى التي نهض بها الرَّجل في تأسيس اليسار وقيادته، وللقيمة العالية التي ما انفكَّت نصوصُه تحملها لجهة مضمونها وآثارِها في محيط واسع من القرّاء والمناضلين، ولمكانتِه الاعتباريّة المميَّزة لدى أصدقائه ورفاقه وكل من عملوا معه في السياسة والصحافة وسوى ذلك”.

وتابع المصدر ذاته: “لعُضْويّته في هيئة تحرير مجلّة «النّهضة» ارتأت الأخيرةُ أنَّ الأوان قد آن لإبداء فِعْل الاعتراف بجميل ما قدّمه الأستاذ محمد الحبيب طالب، من خلال نشرْ عيّنة من كتاباته التي سبق نشرُها في «النّهضة»، قصْد تعميم الفائدة على أعرض قاعدة من القراء، ممّن لم تُتَح لهم فرصة قراءتها في المجلّة؛ وهو أقلّ ما يمكن للمجلّة أن تُقابِل به عطاءَه الفكري الكبير”.

إذن، هذا الكتاب “عربون عرفانٍ لما قدَّمه الأستاذ محمد الحبيب طالب لبلدِه وشعبه وأمّته وللعمل الوطني والديمقراطي المعاصر”، ويرافقه “ملحق بنصوص كان الأستاذ محمد الحبيب طالب حرّرها في نطاق الأطر التّنظيميّة التي انتمى إليها؛ وهي كناية عن مقالات توجيهيّة أو تحليليّة (نُشرِت في جريدة «أنوال» سابقاً)، ووثائق تنظيمية ذات طابع تنظيري”، ونشر كل هذا وفق ترتيبه الزمني.

يذكر أن المفكر عبد الإله بلقزيز سبق أن قال إن محمدا الحبيب طالب “القائد التاريخي من قادة اليسار، أستاذٌ لجيل؛ رجل جمع مثل سابقيه، عمر بنجلون والمهدي بنبركة وعبد الله إبراهيم، ما بين الممارسة السياسية بالمعنى المبدئي وبين الاقتدار الفكري والشغف بالمعرفة وبالقراءة والدرس”، مردفا: “أعتقد أنه، بعد عمر بنجلون في المغرب، ليس لدينا شخص نستطيع أن نقول إنه قائد حقيقي جمع بين الفكر والممارسة إلا محمد الحبيب طالب، مع فارق أن طالب رجل في غاية التواضع ولا يتنطع ولا يبحث عن أي موقع، بل إن مشكلة المنظمة التي أسسها عام 70 (منظمة 23 مارس) وأصبحت في ما بعد ‘منظمة العمل الديمقراطي الشعبي’، ومشكلة المناضلين معه، أنه هو القائد التاريخي لليسار لكنه يرفض أن يستلم أي منصب رسمي”.

وتابع بلقزيز: “حتى الآن قليلون هم الذين يقنعونني، في المغرب، حين يكتبون نصاً سياسياً، الطالب على رأسهم جميعاً؛ ليس هنا في المغرب فقط، بل في الوطن العربي؛ يكتب نصاً كأنّه يَقْمِش، كأنه ينسج قماشاً، بدقة سياسية متناهية وبلغة تبذخ في الجماليات. وأنا لا أضيف جديداً حينما أقول إن أكثر من خمسين في المائة من وثائق اليسار، التي تعرفها في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وبداية الثمانينيات، حررها محمد الحبيب طالب”.

ثم استرسل المتحدث ذاته: “لكن هذا البلد لا يعترف برجالاته، هذا بلد مجحف وجاحد في حق أبنائه البررة وكفاءاته، ولذلك قَلَّ ما تعرف من هم أولئك الذين، بكل صمت وتواضع، قدموا المساهمات الغنية في تطوير الثقافة أو العمل السياسي أو غيره، خاصة حينما لا يكونون من أولئك الذين ابتلاهم الله بنزعة ‘الماركوتينغ’. محمد الحبيب طالب واحد من هؤلاء الصموتين الذين يشتغلون من دون ضجيج، ويقدمون ما يمكن أن يُحْسَب في عداد النفائس السياسية”.

الأكاديمي والسفير المغربي حسن طارق سبق أن كتب بدوره شهادة في الحبيب الطالب من بين ما تقوله: “في كل ما عشته من أحداث ووقائع ومحطات من تاريخنا الراهن كنت أنتظر – بحرص بالغ – أن أقرأ له نصاً أو تصريحاً أو حواراً، ليس لأني أعرف قدرته على قراءة المرحلة – فقط – ولكن لأني أثق في إمكانياته – القيادية – في رسم معالم الأفق، رغم كل التباسات السياق في بعض الحالات وتقاطب التقديرات في حالات أخرى!”.

وواصل طارق: “لعلنا لم نعد نُصادف في معجمنا السياسي كلمة “المُنظر”، فالغالب أن السياسة المبتلعة – في العالم- من طرف ثالوث: الخبرة والتواصل والمشاعر لم تعد في حاجة إلى أفكار ونظريات، لكن المؤكد أن الكلمة في سياقنا المغربي تحيل على قائمة صغيرة من الأسماء يعد الأستاذ الحبيب طالب أبرزها. نعم هو امتداد لتقليد مغربي، يعود للحظة اللقاء الأول مع زمن السياسة الحديثة، لدى الوطنيين المؤسسين (علال الفاسي، بلحسن الوزاني، عبدالله ابراهيم …)، لكنه في نظري يبقى الحالة الأكثر نموذجية لرسوخ العلاقة وتطابُقها بين “المُنظر” وبين حركته السياسية”.

لذلك؛ “كان الطالب دائما الزعيم / المُنظر، بعيداً عن صيغة منظر الخِدمة الذي تربطه علاقة وظيفية بالحزب وزعاماته، أو شكل الزعيم / المثقف الذي يُزاوج بين القيادة السياسية والإنتاج الفكري دون أن يقدم لحركته السياسية نظرية متكاملة في الفعل السياسي”؛ وقد أسهم “في تجديد الفكر السياسي المغربي، وفي إنتاج الأفكار المرافقة للتغيير، ثم في تحويل هذه الأفكار إلى تقدم، وفي أثناء ذلك أسدى خدمة جليلة للسياسة المغربية: منحها لغة جديدة، ومَكنها من كلمات ومفاهيم وتعابير خلاقة، تكثف المرحلة بكل التعقد الموضوعي وترسم الأفق بكل الوضوح الضروري”، تورد الشهادة ذاتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق