
عن منشورات “مؤسسة مؤمنون بلا حدود”، صدر للباحث المغربي المتخصص في الفلسفة حمادي أنوار كتاب موسوم بِـ “الدين بين العقل واللاعقل في فلسفة برغسون”، يعالج سؤالاً راهناً هو سؤال الدين بين الانفتاح والانغلاق، ويقدم تصوراً يتعارض تماماً مع شتى أشكال التعصب والتطرف، ويعمل على بيان روح التجربة الدينية في صفائها ونقائها بمنأى عن أي ادعاءات تبتغي تسويغ الدين عقليّاً أو تبريره منطقيّاً أو جعله تجربة معرفية.
يكشف الكتاب عن وجه خفي لتجربة الإنسان الدينية، وهو الوجه الذي يلتقي فيه البعد الأنطولوجي والروحي والإنساني. هذا هو تحديداً المقصود بلاعقلانية التجربة الدينية: أي تجاوزها لانحطاط اللاعقل من تخريف ووهم وشعوذة، وسموها إلى مقامٍ فوق عقلي حيث يغدو الدين تجربة محبة وانفتاح وإنسانية.
وقد جاء في نبذة الكتاب ما يلي:
“نسعى من خلال كتابنا هذا عن [الدين بين العقل واللاعقل في فلسفة برغسون] إلى البحث في ثلاث مشكلات فلسفية كبيرة ومتداخلة: مشكلة العقل، ومشكلةاللاعقل أو الحدس، ثم مشكلة الدين”.
لقد تحدث برغسون، في فلسفته في الدين، عن منبعين اثنين للتجربة الدينية؛ الأول اجتماعي منغلق وغارق في العادة والتكرار، والثاني إنساني وبطولي ومنفتح ومتطلع. وهما المنبعان اللذان وصفنا الأول منهما بالعقلي، ونعتنا الثاني باللاعقلي؛ ليُشَكِّلَ كتابنا هذا مساءلة لِغِياب اللاعقلي–ما فوق العقلي- في التجربة الدينية في مقابل تكريس اللاعقلي الآخر (ما دون العقل). تتساءل النقاشات الفلسفية الدينية عمومًا، مثلًا، عن مدى “عقلانية” التجربة الدينية، ومدى إمكانية –أو استحالة- إثبات “وجود الإله” عقلًا؛ لكنها تُغيّب الجانب اللاعقلي في مثل هذه التجارب.
فهل سؤال العقل والتعقل هو الإمكان الوحيد الذي يسعنا أن ننظر من خلاله فلسفيًّا للتجربة الدينية؟ أَلَيْس سؤالًا يضمر اليقين التام باستحالة تَعَقُّل هذه التجربة التي توجد خارج حاق العقل واللغة والفكر؟ فهل يعني هذا أن كل ما ليس عقليًّا أو عقلانيًّا يعفينا من الخوض فيه، ويحثنا على تهميشه وتبخيسه؟ هل الإعراض عما ليس عقلانيًّا، وعدم الاكتراث به، هو الموقف الوحيد الممكن حياله؟ لماذا لا نفكر إذن في هذا اللاعقل؟ وهل اللاعقل يعني بالضرورة ما دون العقل وما يَكُون أقل منه وأدنى؟ ولماذا نبوئ العقل القمة ونجعل منه أقصى ما يمكننا أن نصبو إليه؟ ألا نستطيع افتراض وجود آفاق أخرى تتخطى طور العقل، تكون بالنسبة إلى العقل كما هو العقل بالنسبة إلى ما دونه وأقل منه؟
كل هذه الأسئلة والإشكالات كانت محركنا في هذا الكتاب، وشكلت اتجاهات السَّوْرَة المتعددة التي أثارت فينا قلق السؤال بخصوص النظر في هذه المشكلة المعقدة والمركبة التي تفتقت مع برغسون في ما هو فلسفي وعلمي وطبيعي، إلى أن لامست الديني والصوفي والروحي”.
النشرة الإخبارية
اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا
اشترك
يرجى التحقق من البريد الإلكتروني
لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.
لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.
0 تعليق