بعيدا عن الشعارات الفضفاضة لابد أن تناقش الأمور بشئ من الواقعية ومن المعروف أن استغلال الموارد الطبيعية تعتبر أول خطوات التنمية الحقيقية للمجتمعات الناشئة فيبدأ البحث العلمي برصد شفاف للموارد الطبيعية ودراسة خصائصها الكيميائية والفيزيائية وتصنيفها حسب استخداماتها المتوارثة واستحداث وتطوير وابتكار طرق حديثة لزيادة النواتج الطبيعية من خلال زيادة معدل الإنتاج والوصول أولا الى الاكتفاء الذاتي ثم الاتجاه الى التنافس الإقليمي والعالمي من خلال ابتكار طرق رخيصة لمنتجات سواء كانت زراعية او صناعية ذات جودة مقنعة وهذا ما فعلته الصين ونجحت في غزو الأسواق العالمية بقوة لـتأخذمكانة مرموقة بين الدول الغنية انت بريادتها لمجموعة البريكس.
يعتمد التنافس على تقليل كلفة الإنتاج وجودة الإنتاج وأول خطوات تقليل كلفة الإنتاج تكمن في إقامة المشروعات الإنتاجية بالقرب من المورد الطبيعي مع مراعاة منافذ التصدير. ويؤدي ذلك الى انشاء تجمعات عمالية ومدن جديدة خاصة المرتبطة بالصناعات التعدينية والمناجم والتي تخفف من ازدحام وادي النيل بالسكان خاصة في الصحراء الشرقية. وتوسيع الأبحاث لاكتشاف طرق جديدة لانتاج مشتقات مختلفة من المنتج.
وتعتبر النواتج الثانوية من اهم الملوثات البيئية التي قد تؤدي الى اضرار بيئية قد تفوق مميزات الإنتاج. فعلى سبيل المثال قد تصل كمية الباي باص الناتجة عن صناعة الاسمنت الى نسبة اكبر من 40% يتم نقلها من قبل المستثمر الى الأماكن القريبة من مصنع الاسمنت لتقليل تكلفة النقل في صورة اكوام قد تغير من خصائص البيئة الطبيعية بل تهدم النظام البيئي برمته ناهيك عن تأثير الغبار على صحة الانسان.
ولتفادي تراكم الملوثات التي تتراكم بصورة كبيرة خاصة وان المستثمر لا يهمه الا الهامش الربحي دون النظر الى ما يسببه من اضرار لابد على الحكومة المصرية ان تشترط على المستثمر أن يضع خطة مكتملة وآمنة للتخلص من المخلفات الملوثة للبيئة من خلال طرح مخطط للصناعات التكاملية التي تعتمد على تلك المخلفات سواء بطرح مشاريع ثانوية سواء يقوم بها المستثمر الرئيسي او أن يطرحها على صغار المستثمرين المحليين. فمثلا يمكن للمستثمر في صناعة الاسمنت أن يطرح مبادرة لنقل الباي باص الى شركات المقاولات التي تقوم برصف الطرق او مستثمر محلى في صناعة الطوب وكثير من الصناعات التي تعتمد علي مخلفات الاسمنت وتمويل البحث العلمي لتحويل المخلفات الى مواد ذات خصائص أمنة تفيد المجتمع.
أن تراكم المخلفات المتزايد يعتبر من اهم ملوثات البيئة ومن اكبر الاضرار على الصحة العامة واهتمام الدولة بآلية التخلص من الملوثات يأتي ضمن أولويات الاستثمار ويفتح مجالات للاستثمارات الصغيرة بمساعدة ودعم المستثمرين الكبار لخلق فرص عمل ونمو اقتصادي محلي. وما ينطبق على صناعة الاسمنت يمكن تطبيقه على كل المخلفات الزراعية والصناعية من خلال الاهتمام بالصناعات التكاملية التي تعتمد على الملوثات وتحولها لمنتجاتمفيدة وتخلق فرص عمل جديدة وتشجع على التطور الذاتي.
0 تعليق