في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، يشهد المركب الثقافي أبو القاسم الزياني بمدينة خنيفرة حدثا ثقافيا استثنائيا، يتمثل في معرض فني تحت عنوان “إبداعات نسائية بألوان الأطلس”. يقدّم هذا المعرض فرصة مميزة لعرض تجارب فنية تبرز القوة الإبداعية للمرأة المغربية. وسيظل المعرض مفتوحا أمام الزوار حتى 31 مارس، مقدّما عوالم بصرية غنية تتنوع بين الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، حيث تتناغم الألوان والضوء لتروي قصصا وحكايات نابضة بالحياة.
افتتح المعرض في الثامن من مارس بحضور عدد من الشخصيات الثقافية والإعلامية البارزة، يتقدمهم مدير المركب الثقافي، حسن بلكبير، الذي أبرز في كلمته أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في نشر قيم الجمال والإبداع، مشيرا إلى أن هذا المعرض ليس مجرد احتفال عابر، بل هو “صوت فني يعكس تطلعات النساء نحو فضاء أرحب من الحرية والمساواة”.
في السياق ذاته، أشاد الفنان التشكيلي المحجوب نجماوي بالحدث، معتبرا إياه إضافة نوعية للحركة الفنية بالجهة، ومسعى نحو تكريس حضور المرأة الأطلسية في المشهد الثقافي المغربي.
وفي تصريح له، شدد الإعلامي والحقوقي أحمد بيضي على أن هذا الحدث لا يقتصر على كونه مجرد احتفال رمزي، بل يشكل منصة حقيقية تتيح للفنانات فرصة التعبير عن رؤاهن الخاصة، بما يساهم في تقديم صورة مغايرة عن واقعهن.
وأضاف بيضي أن المعرض كان فرصة لاكتشاف أعمال فنية تتنقل بين الهامش والمركز، بين المعاناة والأمل، لتكون بمثابة شهادة على قدرة المرأة على تجاوز التحديات عبر الفن.
تجسد الأعمال الفنية المعروضة، ومن بينها أعمال المصورة الفوتوغرافية الشابة ليلى عجماوي، الفائزة بجوائز عالمية، لمحة عن الحياة اليومية للمرأة القروية.
عجماوي استخدمت الألوان المستوحاة من أوقات الغروب لتخلق بعدا دراميا وإنسانيا في صور تنبض بالصمود والكفاح، مما يبرز شجاعة النساء في مواجهة التحديات اليومية.
من جانبها، يضيف أحمد بيضي، قدّمت الفنانة التشكيلية الشابة أسماء الطالبي، المتخصصة في الفن الفيلوغرافي، مزيجا مبتكرا بين الرسم والنحت باستخدام المسامير والخيوط على الخشب، موردا أن لوحاتها ثلاثية الأبعاد تستلهم جمال الطبيعة وتفاصيل الحياة اليومية، مازجة بين الإبداع والخيال في تجسيد مشاعر وأفكار عميقة تعكس رؤيتها الخاصة للعالم.
أما الفنانة كوثر إسماعيلي، التي تستلهم أعمالها من عالم الفروسية المغربية، فقد قدّمت لوحات تعكس ارتباط المرأة بالطبيعة والتراث، واستخدمت مزيجا من الألوان الزيتية والأكريليك لخلق أسلوب فني مميز يمزج بين الماضي والحاضر برؤية حديثة، ما منح أعمالها طابعا أصيلا ومتفردا.
وضمن المعرض ذاته، قدمت الفنانة زينب أسرتي لوحات فن حركي تجريدي تعبر عن مفاهيم فلسفية وإنسانية مثل الأمومة والولادة والتجدد. وباستخدام ألوان قاتمة وأشعة أمل، استطاعت أسرتي أن تضفي بعدا بصريا عميقا يعكس مشاعرها الذاتية ورؤيتها للعالم.
ومن بين التجارب المميزة، تبرز الفنانة شيماء أبلعوع التي تمكنت من كسر حواجز الإعاقة بالإبداع، إذ حولت إعاقتها إلى مصدر قوة.
شيماء قدّمت أعمالا تعكس رؤيتها للحياة، معتبرة كل لوحة مرآة لشخصيتها. فبإبداعها، أثبتت أن الصمت لا يعني غياب التعبير، بل يمكن أن يكون لغة بصرية ناطقة تلامس قلوب المتلقين، وفقا لما أورده الفاعل الإعلامي والحقوقي ذاته.
واختتم الحفل بتكريم المشاركات في المعرض، حيث تم توزيع شهادات وورود رمزية تعبيرا عن التقدير لإبداعهن. وقد نجح المعرض في تحطيم الصور النمطية حول الفنون التشكيلية والفوتوغرافية، التي لطالما كانت تعتبر مجالات يهيمن عليها الرجال.
0 تعليق