بالإجبار وليس بالاختيار !

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

نشرت الزميلة جريدة الرياض الأسبوع الماضي تقريرا مفصلا عن أداء مجلس الشورى خلال السنوات الأربع الماضية وأثار انتباهي طلب المجلس من التأمينات الاجتماعية خلال تلك الدورة ” دراسة أسباب ارتفاع نسبة التقاعد المبكر ووضع الحلول المناسبة التي تشجع الأفراد على البقاء على رأس العمل”، وبالفعل – كما أشار التقرير – درست التأمينات هذا الوضع ويبدو لي انها تدرسه قبل دعوة المجلس وخلصت إلى “ازدياد أعداد حالات التقاعد المبكر مما يفقد النظام الاشتراكات الشهرية التي تدفع من قبل الموظفين وأصحاب الأعمال وتقلل من فرص استثمارها، إضافة إلى الالتزام بصرف معاشات تقاعدية مبكرة لفترة طويلة، مما يؤدي إلى حدوث عجز مالي أكبر واستنزاف الصناديق التقاعدية”.

الحلول والاقتراحات فيما يتعلق بالتقاعد المبكر والمشكلات الأخرى التي تواجه المؤسسة تمت معالجتها بشكل كبير في أنظمة التقاعد الجديدة التي رفعت سن التقاعد المبكر وربما تصدر قريبا أنظمة اختيارية تساعد الداخلين الجدد لسوق العمل على الادخار ورسم مستقبل تقاعدهم بشكل اكثر مواءمة لمتطلبات تلك المرحلة.

التقاعد المبكر من حق المشترك، وهو اليوم أصعب من السابق، ويجب علينا النظر الى الجهة المقابلة، حيث يتقاعد كثير من موظفي وموظفات القطاع الخاص مبكرا مجبرين على ذلك وليس باختيارهم، أي أن قرار عدم استمرارهم على رأس العمل صادر من شركاتهم التي أتاحت لها تعديلات نظام العمل إنهاء العلاقة التعاقدية بالتراضي او بدونه.

تستغني بعض الشركات عن بعض الموظفين والموظفات ممن لم يبلغوا سن التقاعد النظامي لعدة أسباب، فبعضها يحتاج الى تجديد الدماء وتخفيض متوسط الاعمار او متوسط الرواتب، وبعضها استعاض بالتقنيات الجديدة عن بعض الموارد البشرية، وبعضها يحتاج إلى مورد بشري من الأجيال الجديدة الأقرب الى التقنية والذكاء الاصطناعي ليستمر في المنافسة او يحافظ على مستويات الربحية.

هذه الممارسة تظل حقا مشروعا للمنظمات الربحية التي تتوقع ان الاستغناء عن بعض الخبرات وتخفيض النفقات سيسهم إيجابيا في موازنتها العامة، ويبدو لي أن الدراسات يجب أن تتوجه اليهم اليوم لمحاولة الوصول الى معادلات تقلص من الاستغناء عنهم، أو إيجاد برامج تجعل مراحلهم الانتقالية أقل عبئا على الشركات، وبالطبع أقل عبئا على التأمينات.

من تستغني عنهم الشركات مؤخرا هم سيدات ورجال في أواخر الاربعينات واوائل الخمسينات أي أنهم في عمر الإنتاج ويتميزون عن المنتجين الأصغر سنا بخبرات عملية وحياتية وإنسانية أعمق فيصبح عدم الاستفادة منهم فاقد اقتصادي واجتماعي لا يمكن تجاهله، والأهم أن توظيفهم من جديد يصبح صعبا لان بقية الشركات لا تود الاستثمار في مورد بشري لن يخدمها لفترة طويلة، أو أن شركات أخرى تبخسهم حقهم وتود الاستفادة منهم بأجور بخسة.

تزداد المشكلة عمقا بالنسبة لمن يتم الاستغناء عنها او عنه وهو لم يكمل المدة النظامية لاستحقاق التقاعد المبكر وهي 25 عاما لأغلبهم على اعتبار ان النظام الجديد حمى الموظفين القدامى من ارتفاع سن التقاعد المبكر وهي بادرة مهمة ومتفهمة من الحكومة.

 هؤلاء الذين لم يكملوا سن التقاعد ولم يجدوا عملا ولديهم التزامات واقساط كحال كل الموظفين في الأرض هم من يجب إعداد دراسة خاصة بهم، ومحاولة مقاربة وجهات النظر بينهم وبين شركاتهم وبين التأمينات الاجتماعية لتقديم حلول مالية تحقق هدف الشركات بالاستغناء التدريجي عنهم، وتحقق هدفهم بالوصول الى الراتب التقاعدي الذي هو الحد الأدنى لحفظ ماء الوجه ومواصلة حياتهم وعدم انهيارهم أو انهيار أسرهم، إضافة الى تحقيق الهدف الاجتماعي النبيل والعظيم الذي من أجله أنشأت التأمينات الاجتماعية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق