حوافز مقترحة لتطوير الصناعة الوطنية (2) 

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

حافز تطوير ( كتلة المعرفة البشرية)

تُصنف الدول صناعياً  وفقاً لإمكاناتها الصناعية وتحدد بقوى تنافسية معينة مثل الابتكار، والسياسات الصناعية، والتصدير، وغيرها. وقد يختلف وزن هذه القوى من مؤشر إلى آخر، إلا أن هناك إجماعاً على أن الابتكار المدفوع بالمواهب يُعد أهم العوامل المؤثرة في مؤشرات التنافسية الصناعية العالمية.

في معظم استطلاعات الرأي أو الدراسات التي تتعلق بأهم قوى السوق التنافسية، يأتي الابتكار القائم على المواهب في المركز الأول من حيث الأهمية، وفقاً لآراء الرؤساء التنفيذيين في الشركات الصناعية.

والمقصود بالمواهب في الشركات الصناعية ثلاثة أصناف: العلماء الباحثون، والمهندسون المتخصصون، والعمالة الماهرة، وهم الذين يشكلون الكتلة الأساسية للموهبة ومستوى المعرفة والابتكار في أي شركة صناعية.

دعونا نتفق على مصطلح جديد، وهو كتلة المعرفة البشرية، ونعطيه تعريفاً افتراضياً يكون: (قياس لمستوى ونمو معرفة ومهارة وخبرة موظفي الشركة الصناعية). وعلينا أن نتفق على أن هذا المصطلح نوعي وليس كمياً، وبالتالي يتطلب تطوير آليات مبتكرة لقياسه.

تتفاوت الشركات في قياس مقدار كتلة المعرفة البشرية، التي يُقاس نموها في بعض الحالات بما يُعرف بمنحنى التعلم (learning curve). رغم أن دالة هذا المنحنى الأساسية تختلف في مدخلاتها ومتغيراتها من شركة لأخرى، ومن دولة لأخرى.

فكيف يمكن تحديد كتلة المعرفة البشرية وتطور منحناها في أي شركة؟ لنأخذ مثلاً شركة المراعي، أو شركة الإلكترونيات المتقدمة، أو شركة التصنيع الوطنية، أو حتى مصنعاً صغيراً لإنتاج أكواب القهوة. ماهي مدخلات المعرفة في هذه الأمثلة وهل تقوم على الابتكار القائم على الموهبة بعناصرها الثلاثة: الباحث المبتكر ، والمهندس المتخصص ، والعامل الماهر؟ وماهي نسبة الموهبة السعودية فيها؟ 

بعد التوصل لتعريف وطني جامع مانع متفق عليه لكتلة المعرفة البشرية في الشركات الصناعية السعودية، مشتق من أفضل الممارسات العالمية، ويرفد مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة، ويقاس بمستوى تقدم صناعتنا الوطنية  في مؤشرات التصنيع العالمية، يتم عندئذٍ تصميم الحافز الحكومي المقترح الداعم  لرفع مستوى كتلة المعرفة البشرية  في الشركات  الصناعية  بحيث يُبنى على  قياسات أداء خاصة به، مثل:

1 نسبة المتخصصين من باحثين ومهندسين وفنيين إلى مجموع القوة العاملة في الشركة.

2 نسبة السعوديين المتخصصين من إجمالي المواهب الفنية للشركة.

3 نمو عدد الباحثين والمهندسين والفنيين السعوديين في الشركة.

4 معدل خروج المتخصصين الفنيين من الشركة.

5 مستوى برامج التمهين والتدريب والتطوير في الشركة.

6 نسبة المتخصصين في ممكنات الثورة الصناعية الرابعة في الشركة.

7 مستوى خطط تطوير كتلة المعرفة البشرية  في الشركة وربطها بإستراتيجيتها.

8 مستوى علاقة الشركة بالجامعات والكليات التقنية والبرامج المشتركة.

9 عدد شهادات التخصص المهني غير الأكاديمية لكل متخصص.

10 عدد براءات الاختراع أو تطوير المنتجات،  وطرق الإنتاج عن طريق البحث والابتكار.

إن تحفيز نمو المعرفة البشرية وتطويرها وتوطينها لا شك أنه يصب في النظام البيئي للصناعة بصورته الواسعة، إلا أنه يحتاج إلى نظام معرفي إيكولوجي على المستوى الاقتصادي الوطني بصورته الأوسع. مثلاً، ألمانيا والولايات المتحدة لديهما درجات قوية في مؤشر الابتكار، إلا أن دولاً مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة دول تنافسية للغاية في مؤشرات متعددة مثل عدد الباحثين لكل مليون نسمة ودرجات اختبار الرياضيات والعلوم الأساسية. لكن كفاءة النظم الإيكولوجية للابتكار في ألمانيا وأمريكا واليابان تمكن هذه الدول المتقدمة وشركاتها من الحصول على المزيد من الابتكار مع الحاجة إلى مدخلات أقل على عكس الحالة الوطنية التي تحتاج لمزيد من المدخلات. لذلك، على الرغم من أن درجات الاختبار الإجمالية لعامة الطلبة  أقل في الولايات المتحدة وألمانيا من دول أخرى ،  إلا أن النظم الإيكولوجية الابتكارية القوية التي تم تطويرها بمرور الوقت راسخة لدرجة أنها يمكن أن تظل عالية  للغاية ومتفوقة بالنسبة للابتكار ومستوى كتلة المعرفة البشرية وتطورها في الدول المتقدمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق