التعديل الحكومي قبل "الدخول الجديد" بالمغرب .. عرف سياسي بشروط ذاتية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

يواصل موضوع “التعديل الوزاري” أو “التحديث الحكومي” إثارة الاهتمام وسط الحقل السياسي المغربي، بحكم أنه منذ تقديم رئيس الحكومة الحصيلة المرحلية لعمل السلطة التنفيذية بدأت التكهنات مستمرة قبل أن تصطدم بتكهنات مضادة؛ لكنها لم تتوقف وظلت سارية يفكر فيها المحللون بأصوات مرتفعة، بالنظر إلى “أهميتها في الوقت الحالي، لكون السياق الذي يُقربنا من الدخول السياسي يمنح النقاش بعضا من الراهنية”.

ووضعت الأحزاب المكونة للحكومة (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة والاستقلال) المحللين في “مأزق” بحكم صمتها وتعزيز التباس أي قراءة خارجية ممكنة. لذلك، يستبعد محللون التعديل بحكم أن “الأمور بخير سياسيا ومؤسساتيا”؛ ومن ثم، فإنه “من قبيل التخمين أن يتم الحديث عن تعديل حكومي مرتقب، على اعتبار أن الشروط التي يمكن أن تتحكم فيه غير مطروحة”.

ولا تسلم قراءات أخرى بغير أن “التعديل ضروري في الوقت الراهن؛ بالنظر إلى طبيعة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة وفشل وزارات في تأدية مهامها”، مسجلة في الوقت نفسه أن هذا التحرك “ليس وعدا سياسيا، فهو مجرد عرف من الوارد أن يتم اللجوء إليه في أية لحظة بلا أية قدرة للدفع بقراءات يقينية حول صعوبة التفعيل في الوقت الحالي بدعوى أن المؤسسات تشتغل”.

“تعديل مستعبد”

عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، استبعد “إجراء أي تعديل حكومي الآن بعد تخطي نصف الولاية الحكومية بشهور وبصفر حالة تبين أن هناك تعطلا ما في قنوات التواصل بين أحزاب الأغلبية”، معتبرا أن “شروط التفكير في التعديل الحكومي منتفية؛ وبالتالي هذا التهويل الإعلامي الذي لاحق الموضوع في الشهور الأخيرة لا يبدو أنه سيجد آذانا صاغية على مستوى الفعل الحكومي”.

واعتبر بنخطاب، ضمن تصريح لهسبريس، أن التعديل الحكومي صار “مجرد تخمين فقط، لا أقل ولا أكثر”، مضيفا أن “رئيس الحكومة لا يبدو أن لديه مؤشرات لاتخاذ هذه الخطوة ما دام أن كل القطاعات الحكومية تشتغل وبدون تشنجات واضحة، ولا يبدو أن الجهاز الحكومي دخل في مرحلة تقييم داخلي على هذا المستوى؛ فبدون هذه العملية لا يمكن التفكير في تعديل الوزراء المكلفين بحقائب معينة”.

وشدد المتحدث على أن “هذه العملية عرف، وشروطه تكون عادة ذاتية داخل مسار الحكومة؛ فإما أن وزيرا لم يستطع مواصلة عمله، أو أن حزبا سياسيا يريد أن يغير الوجوه التي قدمها للاستوزار باسمه، أو أن قطاعات معينة لم تشتغل، أو ظهور غضبة ملكية مفاجئة”، موضحا أن “الحكومة يمكن أن تُناقش هذا الأمر داخليا في ما بينها كأغلبية؛ ولكن ليس هناك ما يجبر قائد السلطة التنفيذية على تفعيل هذا العرف”.

“وضع على المحك”

ورفض عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري، الحديث عن استبعاد القيام بالتعديل الحكومي بشكل يقيني، بالنظر إلى كونه “ضرورة سياسية” من المرتقب أن تُحدث تغييرا في بعض الحقائب الوزارية “إما قبل أو بعد افتتاح البرلمان في أكتوبر 2024”.

وسجل الأكاديمي والمحلل ذاته أن “مسطرة التعديل الوزاري محددة في الدستور من حيث الاقتراح والتعيين، ولا يوجد سبب دستوري يلزم بإجرائه من عدمه؛ بل هو يدخل ضمن المتاح الدستوري أخذا بعين الاعتبار للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

ولم ينكر اليونسي، ضمن تواصله مع هسبريس، الطبيعة العرفية الخالصة التي تؤصل لهذه العملية في الممارسة السياسية المغربية، موضحا أنه هكذا “بعد منتصف ولاية الحكومة يتم إجراء تعديل خصوصا في القطاعات الوزارية التي تكون فيها مشاكل”.

وأضاف المتحدث: “أظن أن وضع بعض القطاعات الوزارية يجعلها في حاجة إلى تعديل وزرائها، بحكم أنهم أثبتوا فشلهم وعليهم تحمل المسؤولية في ذلك؛ وبالتالي تقديم استقالتهم”.

وتابع أستاذ القانون الدستوري تصريحه قائلا: “وما دام أن هؤلاء الوزراء يرفضون أو لا ستطيعون ذلك نظرا للأعراف المرعية في هذا الشأن ببلادنا، فالأصل هو إجراء تدخل من رئيس الحكومة لوضع تحديثات على رأس بعض الحقائب؛ مثلا وزارة التعليم العالي وإضراب طلبة الطب، أو وزارة التشغيل وضعف الإنجاز في التشغيل بحكم ارتفاع أرقام البطالة، أو وجود وزراء في وضعية تضارب مصالح.. وهكذا، أظن أن فعالية نظامنا السياسي في المحك؛ لأن المطلوب اليوم هو تصحيح الوضع التدميري لبعض القطاعات الوزارية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق