للمتابعة اضغط هنا

أديوان: الأمازيغ نشروا الإسلام بإفريقيا.. وتصحيح الأنثربولوجيا الغربية ضروري

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

قال الكاتب والأكاديمي محمد أديوان إن “الاهتمام بالثقافة اليوم هو اهتمام مشروع داخل النظام العام لما يسمى بالمشاكل الثقافية العالمية”، مضيفا: “إذا كان الناس اليوم يفكرون في الدراسات الثقافية أو ما يسمى الدراسات بعد الكولونيالية بمفهوم الثقافة في إطاره الجديد، لاستيعاب المشكلات الكبيرة التي ترتبط بالثقافة عموما وبالإنسان بصفة خاصة وهو المنتج لهذه الثقافة والمتعامل معها وهو الذي يعيد إنتاجها في صيرورة، فلا بد أن يكون لها ما لها في حاضرها من التأثير في المجتمع وما لها أيضا فيما يتعلق بمستقبل الأجيال القادمة”.

وأشار أديوان خلال درس افتتاحي ألقاه برحاب المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تحت عنوان “الثقافة الأمازيغية: الجذور التاريخية والرهانات الراهنة والمستقبلية”، الأربعاء، إلى ضرورة الاهتمام بالثقافة باعتبارها رافعة للتقدم والنمو والازدهار، مؤكدا أن “المغرب من البلدان التي حاولت أن تركب هذا المركب وأن تجعل من الثقافة رافعة من الرافعات التي لا بد أن تكون حاضرة في كل قوة ناعمة وكل قوة ترمي إلى تطوير الإنسان وتطوير قيمه، ولا سيما ضمن ما يسمى التنمية المستدامة”.

وتابع الأكاديمي ذاته بأنه “بدون ثقافة ملتزمة وبدون التزام بالثقافة وأسئلتها، من الصعب جدا أن نتحدث عن ثقافة إيجابية. وفي هذا السياق يدخل الاهتمام بالثقافة الأمازيغية في جذورها وفي رهاناتها الحالية والمستقبلية، فإذا اعتبرنا أن هذه الثقافة بدأت منذ التاريخ القديم، على ما يذهب إليه المؤرخون والدراسات التاريخية لا سيما ذات الطابع الأركيولوجي، فإنها ترجع إلى أكثر من 3000 سنة (ألف سنة قبل الميلاد وألفي سنة بعده)، بمعنى أنها ثقافة قديمة ومتجذرة في منطقة شمال إفريقيا وعلى وجه الخصوص في هذه المنطقة المرتبطة بنا التي كانت تسمى موريتانيا الطنجية”.

وسجل أن “بعض الدراسات حاولت التشكيك في مجموعة من القناعات المرتبطة بالثقافة الأمازيغية من خلال ربطها بعناصر خارجية في أوروبا أو المشرق، في حين أكدت العديد من البحوث الأثرية والتنقيبات الأركيولوجية أن العنصر الأمازيغي كان له حضور قوي وأصلي في شمال إفريقيا من واحة سيوة في مصر إلى تشاد، بمعنى أن هذه المنطقة هي أمازيغية تاريخيا ولا أحد يستطيع أن يشكك في هذا الأمر على الأقل في هذا الجانب الأركيولوجي”.

وأكد الأكاديمي ذاته أنه “لا يمكن التحدث عن وجود ثقافة أفضل من أخرى؛ لأن الثقافات تتساوى في كونها مرتبطة بالشعوب وباللغات، وبما أن الأمازيغ كانوا شعبا ولديهم لغة فلديهم بالضرورة حضارة وثقافة”، مسجلا أن “المجتمع الذي يستطيع أن ينتج الثقافة والحضارة وما يسمى أنظمة الحياة مثل الرعي والسقي واستعمال الحجر أو الخشب، يعني أنه شعب له قصته التاريخية التي ينبغي أن تُحكى، وبالتالي علينا نحن كباحثين أن نبحث عن عناصر هذه الحكاية ونعيد تركيبها من جديد”.

وأشار إلى “وجود مجموعة من الدلائل التاريخية والنقوش في شمال إفريقيا التي ترصد العلاقات ما بين الأمازيغ والرومان”، مشددا على أن “وجود هذا التاريخ في هذه المرحلة يدل على أن هناك تواريخ أخرى سابقة ينبغي أن نبني عليها التصور الآني، وهو أن الشعب الأمازيغي كان يمارس حياته وطقوسه ودياناته المختلفة وينتج ثقافته ويدخل في علاقات مع الآخرين، منهم من ناصبهم العداء واضطروا إلى الدخول في حرب معه على غرار الرومان”.

وشدد أديوان على أن “الثقافة الأمازيغية شيء مشروع والحديث عنه ليس من باب التحامل على الواقع الحضاري أو التاريخي للمجتمع المغربي”، مبرزا على صعيد آخر، بمناسبة حديثه عن مرحلة دخول الإسلام إلى المغرب، أن “الأمازيغ دخلوا إلى هذا الدين الجديد القادم من الشرق لكن الإشكال هو أن بعض الغربيين لم يفهموا طريقة دخول الإسلام إلى المغرب، فاعتبروا أنه كما تمت الفتوحات في مختلف المناطق، تمت بالشكل ذاته في شمال إفريقيا، غير أن الأمر مختلف تماما لسبب بسيط، هو أن الأمازيغ في عهد الهجرة مباشرة ذهب وفد منهم يسمون [ركراكة] كما تقول الرواية التاريخية، إلى الشرق وبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم”.

وزاد شارحا بأن “إعلان البيعة هذه كان بمثابة نوع من قبول هذا الدين الجديد. وسار الزمن إلى أن جاء عقبة بن نافع إلى المغرب وحل بوادي نفيس حيث التقى بعدد كبير من الناس الذين لا يعرفون الإسلام ولم يكن ليتسنى له عبور كل هذه التضاريس إلا كون هؤلاء الناس يقبلون بالدين الجديد أو على الأقل يفهمون أنه يتعين عليهم التفاوض بشأن هذه الدعوة العقدية المختلفة عن المعتقدات التي كانوا يؤمنون بها بل ويرجون الخلاص منها”.

وبين الأكاديمي ذاته أن “الزوايا الأصلية التي كانت في المغرب كلها أمازيغية، إذ لم يأت أحد من المشرق، حيث حاولت هذه الزوايا الصوفية ربط المجتمع بالقيم والأخلاق والدين عن طريق اللغة المحلية التي يستطيعون بها أن يمارسوا حياتهم الدينية وأن لا يقعوا في البدع والغلط، وفي إطار تبسيط الدين للناس”، مشددا على أن “الأمازيغ ساهموا في مراحل تاريخية لاحقة في نشر الإسلام في الأدغال الإفريقية”.

وخلص محمد أديوان في معرض حديثه عن تعامل الاستعمار الأجنبي للمغرب مع الثقافة الأمازيغية إلى أن “الدراسات الاستعمارية في هذا الجانب ينبغي تصحيحها وتوجيه الباحثين في اتجاه إعادة النظر فيها وإعادة الأمور إلى نصابها وبيان ما كانت الحضارة الأمازيغية في اللحظة التي دخل فيها الاستعمار”، معتبرا أن “هذا الأمر يقتضي أيضا إعادة النظر في الدراسات الأنثربولوجية والميدانية التاريخية ذات الصلة ووضع خطط حقيقية لتصحيح الماضي من أجل نظرة مستقبلية يمكن أن تصحح ما يدور في المخيال الأنثربولوجي للغرب”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق