حقوقيون مغاربة يرفضون "إغراق" مدن داخلية وهامشية بمهاجرين غير نظاميين

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

تواصل بعض الفعاليات المدنية بمدن داخِلية مُعيّنة إثارة الجدل بخصوص حالات ترحيل مهاجرين من مدن كبرى وسياحية وإستراتيجية، أو مدن حدودية، صوب مدن هامشية وذات دورة اقتصادية وتنموية محدودة، وذلك بفعل “عدم وجود جدوى من ذلك”، حسبها.

ونبّهت بعض هذه الفعاليات التي تنشط بمدينة تارودانت من أن اختيار المدينة من أجل توجيه عدد من المهاجرين صوبها “لا يخدم المهاجرين أنفسهم ولا يخدم المدينة المُنهكة اقتصاديا”، كاشفة لهسبريس أن “المهاجرين من دول جنوب الصحراء الذين يتم استقدامهم من مناطق مجهولة بين الفينة والأخرى لا يجدون ضالّتهم بالمدينة لعدم وجود شروط للاستقرار كما هو الحال بالمدن الكبرى”.

وليست تارودانت الوحيدة التي تشهد هذا الأمر، إذ تنضاف إليها مدينة تيزنيت التي كانت في وقت سابق هي الأخرى أمام مرمى عشرات من المهاجرين غير النظاميين الذين عادة ما يقطنون بشكل عشوائي بالمدن الكبرى، كالدار البيضاء والرباط.

ويقول حقوقيون في هذا الإطار إن عملية نقل المهاجرين من مدن قدموا إليها بإرادتهم ونتيجة معطيات موضوعية أمر لا يستقيم، فمن جهة لا يمكن إرغام فرد على الاستقرار بمدينة معينة، ومن جهة ثانية لا يمكن فتح باب المدن الصغيرة والهامشية أمام أفواج من المهاجرين غير النظاميين، رغم وجود ممارسات غير مقبولة من طرفهم في بعض الأحيان.

ويشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة توافد عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء والساحل، الذين عادة ما يحاولون العبور نحو الضفة الأوروبية، في وقت يفضل بعضهم التعامل مع المغرب كدولة استقبال عوضا عن دولة عبور؛ فيما ترفض المملكة دائما في هذا الإطار إقامة مراكز إيواء على ترابها لحل الأزمة كما تقترح الدول الأوروبية التي تتخوف من وصول هؤلاء المهاجرين إليها.

“مع الإدماج”

متفاعلا مع الموضوع قال محمد أمدجار، فاعل حقوقي رئيس منظمة “تماينوت” المدنية: “في البداية لا يمكننا أن نكون ضد الهجرة، ولا ضد تنقل الأفراد من منطقة إلى أخرى، الذي تكون وراءه عدد من المعطيات الموضوعية، كالجفاف أو الحروب أو عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي، بما يحيل على معطى الضرورة، موازاة مع الحديث اليوم عن المغرب كبلد استقبال عوضا عن بلدِ مرور نحو الضفة الأوروبية”.

وأضاف أمدجار، في تصريح لهسبريس، أن “العملية التي يتم القيام بها بين الفينة والأخرى، والمتعلقة بنقل المهاجرين غير النظاميين من مدن كبرى إلى مدن هامشية وصغرى، تنطوي على فرضيتين؛ إما أن هناك سعيا إلى توفير فرص الشغل لهؤلاء بمدن الهامش، أو أنها تحيل على إستراتيجية من أجل تخفيف وجود المهاجرين داخل المدن الكبرى والسياحية، التي تتوفر على بعد إستراتيجي”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الفرضية الثانية هي المرجحة، وهي في نهاية المطاف تنم عن تصور خاطئ، لأن المدن الصغيرة بدورها لا تتوفر على ما تقدمه للمحليين، فما بالك بالمهاجرين الذين يقصدون بداية المدن الكبرى وذات الثقل الاقتصادي، لأنها هي التي توفر فرص الشغل، وبالتالي عوائد اقتصادية”، مردفا: “هذه الممارسة التي لا نتمنى أن تكون إستراتيجية من الدولة تفرض عليها أن تعي الأمر وتحاول خلق آليات استقبال هؤلاء، سواء من الناحية الاقتصادية أو السكنية أو الاجتماعية”.

الفاعل الحقوقي ذاته أكد كذلك أن “الأهم في هذا السياق هو المرور نحو تكثيف العمليات من أجل إدماج هؤلاء المهاجرين الذين يريدون الاندماج داخل المجتمع المغربي، سواء اقتصاديا أو ثقافيا أو مجتمعيا”.

التنقيل مبدئيا “غير قانوني”

أما عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فطالب أولا بـ”الوضوح في هذا الصدد موازاة مع وجود بعض الأقاويل والمزاعم”، وأوضح أنه “حتى وإن كانت هناك حالات فإنها ستكون معزولة ومن المستبعد أن يكون الأمر متعلقا بإستراتيجية، وإنما فقط بقرارات بعض المسؤولين الترابيين، وهو ما يجب على وزارة الداخلية أن تكون واضحة بخصوصه”.

وأورد تشيكيطو، في تصريح لهسبريس، أن “نقل مهاجر من مكان إلى آخر في الأدبيات القانونية والحقوقية أمر غير صائب، إذ ليس من حق أحد نقل فرد بشكل قسري من مكان إلى آخر، رغم ارتكاب بعض المهاجرين داخل التجمعات السكنية الكبرى مجموعة من الممارسات التي تتنافى والقانون في نهاية المطاف”.

الفاعل الحقوقي ذاته اعتبر أن “التعامل الوطني مبدئيا مع مسألة تدفق المهاجرين يجب أن يكون مُركِّزًا على الرعاية والإيواء، في وقت نتحدث عن المغرب كبلد للاستقبال ونموذج في تدبير مسألة الهجرة بالمنطقة، وذلك بشهادة تقارير دولية متفرقة”، مؤكدا في نهاية المطاف على ضرورة “وضوح السلطات المختصة بخصوص كل ما يتردد في هذا السياق، ورؤيتها لحل هذه المسألة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق