للمتابعة اضغط هنا

عميد كلية الطب بفاس: تقليص سنوات الدراسة اختيار سيادي للدولة المغربية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابعنا علي تليجرام

وضح طارق صقلي حسيني، عميد كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بفاس، أهمية الإصلاح الذي تسبب في ما بات يعرف بـ”أزمة الطلبة الأطباء” التي دامت حوالي عشرة أشهر، مفيدا بأن الوزارة والحكومة قدمتا عددا من الحلول الممكنة، فيما سيتم التعامل مع الطلبة مستقبلا حسب اختياراتهم الشخصية.

بداية ما هو الإصلاح الذي جاءت به الحكومة للتكوين في المجال الصحي ونتج عنه ما يعرف اليوم بـ”أزمة الطلبة الأطباء”؟

الإصلاح جاء مع النموذج التنموي الجديد الذي جاء برغبة واضحة لإعطاء الأهمية للرأسمال البشري وللتنمية البشرية وللمواطن المغربي في أفق 2035 مع إصلاحات كبيرة تم تقديمها لصاحب الجلالة وبدأت الحكومة تتحمل وتسهر على تنفيذها.

في هذا الإطار تم منح أهمية كبرى لقطاع الصحة وإعداد الرأسمال البشري الذي سيعمل في هذا القطاع، وكذلك أهمية كبيرة للتعليم والتعليم العالي، كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان تأتي في الملتقى بين هذين القطاعين الحساسين والمهمين بالنسبة للمغرب في اختياراته، وبالتالي كان لا بد من إصلاحات لتنفيذ هذه الرؤية الواضحة والوصول إلى الأهداف التي تروم الرفع من عدد المهنيين العاملين بقطاع الصحة بصفة كبيرة، وأيضا الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

الاقتراحات المقدمة أتت بتغييرات في منهجية تدريس الطب، ولكن كذلك فتح كليات طب جديدة وإعطاء إمكانيات جديدة للعمل، وتم تخصيص ثلاثة مليارات درهم لإصلاح وتأهيل كليات الطب، ناهيك عن موارد بشرية، وبات بالإمكان أن نتوفر على أستاذ لكل 12 طالبا في هذه الكليات، وهو أمر غير مسبوق، وأيضا تشييد العديد من كليات الطب. وفي هذا الإطار كذلك تغيرت الهندسة البيداغوجية وانتقلنا من سبع سنوات دراسة إلى ست سنوات، وكان النموذج التنموي الجديد ينص على هذا التقليص بناء على رأي خبراء، وبناء على المقارنة مع ما يجري في العالم وما توفره الوسائل الحديثة للتعليم والتلقين، وكذلك بناء على تقييم لواقع وضعية التعليم والإصلاحات التي يمكن أن تحسن من جودته.

أين يتجلى المشكل الذي أطال أمد أزمة طلبة الطب إلى حوالي عشرة أشهر؟

الإصلاح تم الإعلان عنه بداية سنة 2022 وصدرت القوانين المؤطرة له، وحتى اليوم ثلاث دفعات من الطلبة الجدد لكليات الطب أجروا مباريات الولوج بناء على هذه القوانين.

وبالتالي، فالإصلاح لم يبدأ خلال هذه الأشهر العشرة، وليس جديدا، وحينما تم إخبار الطلبة المعنيين بالأمر كانت لهم استفسارات واستقبلتهم الوزارة ومؤسسات الدولة وقدمت لهم شروح، وكان هناك بلاغ صادر عن الطلبة يشرحون من خلاله ما تم إخبارهم به في فبراير 2022، حينها لم يتم الحديث عن سبع أو ست سنوات للتكوين ولم يتم التعبير عن كونها نقطة أزعجتهم. مرت مراحل عديدة إلى حين بدأ هؤلاء الطلبة في مقاطعة الامتحانات والدروس والتداريب. من الصعب جدا أن نتقبل هذا الأمر: أن نقاطع التكوين من أجل الدفع للحصول على بعض المطالب التي لم تكن مدة التكوين (سبع أو ست سنوات) نقطة محورية بينها.

أريد التذكير بأن الوزارة استجابت لغالبية هذه المطالب، نسمع دائما الحديث عما يسمونه “نقاطا عالقة” ولكن لا نتكلم عن كل ما تم تحقيقه بإرادة من الدولة وفيه إنجازات خرجت قوانين لتأطيرها، مثلا إمكانية إجراء تداريب في مستشفيات أخرى بطريقة مؤطرة، إن شاء الله، في إطار الوحدات الصحية الترابية، التي سوف تفتح آفاقا كبيرة.

عدد من المطالب باتت اليوم واقعا ملموسا بإرادة قوية من طرف الوزارة والدولة لقناعتهما بأهمية هذه النقاط، وليس فقط ملفا مطلبيا للطلبة يمكن مناقشته.

الطلبة يربطون بين تقليص سنوات الدراسة وجودة التكوين، ما تعليقكم؟

اختيار المرور من سبع سنوات إلى ست سنوات هو اختيار سيادي للدولة المغربية بناء على معطيات لم تأت من فراغ، بل من المقارنة مع ما يتم في العالم، وما يحدث في العديد من الدول في جميع القارات. هناك مدد مختلفة، المهم هو جودة التكوين وما تعلمه الخريج لتكون صحة المواطنين محمية ونقدم أفضل الخدمات، وهو هدفنا من خلال هذا التكوين.

لا وجود لارتباط ما بين عدد السنوات وجودة التكوين، وإلا لماذا لا تكون ثماني أو تسع أو عشر سنوات؟ بل هناك مدة تكوين نختارها ونسهر خلالها على أجود تكوين ممكن للوصول إلى هذا الهدف. مثلا، ما نراه على المستوى الأوروبي هو الحديث عن وحدات قياسية. ما هي الوحدات القياسية؟ هي أي تكوين تلقيته يكون له وحدة قياس، ويتم جمع تلك القياسات حتى نصل إلى العدد الإجمالي الذي يقول إن هذا هو ما يحتاجه الطالب ليصبح طبيبا.

ما نراه في البرنامج الجديد يتطابق مع الوحدات القياسية نفسها الموجودة في المنظومة الأوروبية مثلا، إذا لا نختلف عن بقية العالم، بل الإصلاح هو باستعمال تقنيات التدريس الحديثة ولا يمكن أن نقارن بين ما كان وما يتم العمل عليه الآن، لأن الأمور تتطور، ولأن طريقة التدريس مختلفة، ولأن الطب تطور، ولأنها اختيارات الدولة.

نرى أن تقليص سنوات الدراسة يطرح إشكالا كبيرا بالنسبة لمن هم الآن في السنوات ما بين الرابعة والسادسة، ألا يمكن اتخاذ إجراءات خاصة بهم باعتبارهم دفعات انتقالية؟

كان هناك تخوف لدى الطلبة بأن لا يستطيعوا بعد ست سنوات أن يقدموا أحسن الخدمات للمريض، وهو أمر لا يمكن أن نقبله. ما يمكن أن نقوله هو أن أساتذتهم والخبراء الذين اشتغلوا على هذه البرامج، لا يمكن أن يمنحونهم دبلوما لا يخول لهم ممارسة مهنتهم على أكمل وجه، بل بعدما يتيقنون أن فيه الشروط اللازمة لكي يتلقى المريض أحسن الخدمات.

أيضا، خلال المفاوضات تم منح تطمينات للطلبة، من بينها أنه يمكن لهم في نهاية السنة السادسة أن يطلبوا إجراء تداريب إضافية، في حدود أقصاه 12 شهرا، وبالتالي يمكنهم الاستفادة من هذه التداريب الإضافية، وبذلك فهذا التخوف لم يعد له أي أساس. هذه التداريب ستكون بتعويضات وشهادات إضافية.

نظن أنه بهذه الضمانات تحقق هذا المطلب، ومن لم يقتنع فقد ظل مركزا على الشكل بدل أن يفكر في المضمون.

هل بقيت هناك مطالب أخرى صعبة إلى درجة خلق أزمة دامت عشرة أشهر خاصة وأن أهم ما ينادون به هو جودة التكوين؟

المطالب الأخرى لها علاقة بتطور الملف خلال هذه الأشهر، إذ كانت هناك بعض التجاوزات التي لم نكن نريدها والتي أدت إلى عقد مجالس تأديبية أصدرت عقوبات في حق بعض الطلبة الذين قاموا بهذه التجاوزات، كان من ضمنها توقيف بعضهم.

ولكن كانت هناك تطمينات من السيد الوزير، تم توضيحها لمختلف الفرقاء الذين تدخلوا في محاولة لإيجاد الحل، بأنه إذا عاد الطلبة للامتحانات لن يمنعوا، بل أكثر من ذلك في إعلانات الامتحانات التي نظمت مؤخرا كانت أسماء هؤلاء الموقوفين واردة في اللوائح، ومنهم من اختاروا طي الصفحة.

كان هناك مشكل آخر هو نقطة الصفر، التي لم تكن عقوبة بل طريقة عادية منهجية، إذ هناك منصة رقمية لإدخال نتائج الطلبة، وبالتالي حينما تغيبوا كان لا بد من إدخال نقطة الصفر، والسيد الوزير طمأنهم بشأن هذا الأمر بأن من سيجتاز امتحاناته نقطتُه ستعوض الصفر.

وبالتالي، ما ظل الآن هو أن يسمع هؤلاء الطلبة الأمر بروية دون تغليب العاطفة، ويطرحون على أنفسهم السؤال: هل هذه المعطيات تجيب عن الأمور التي كانوا يطالبون بها إبان الإضراب؟

عدد من الطلبة سيكونون فكرتهم بشأن الموضوع وعدد منهم سيختار العودة، ونحن نرحب بكل من عاد لإجراء للامتحانات، ومن قاطعها فذاك أمر شخصي، لا يمكننا أن نتكلم مع جميع الطلبة في سلة واحدة، بل كل واختياراته وموقفه الشخصي.

نواجه هاجس الزمن ويجب أن نبدأ السنة الجديدة، الطلبة الجدد انطلقوا في 20 شتنبر، والطلبة الآخرون سينطلقون في 20 أكتوبر.

هل هناك بوادر لحل الأزمة في ظل إعلان الطلبة مقاطعة الامتحانات المبرمجة؟

نحن نتمنى دائما أن يكون هناك حل، رغم كل شيء يظلون طلبتنا والمغرب في حاجة إليهم، لكن أيضا هناك المؤسسات. نرى مثلا طلبة الصيدلة الذين اختاروا مؤخرا أن يقبلوا الاقتراحات والضمانات التي منحت لهم عادوا إلى مؤسساتهم وسيجرون امتحاناتهم ويكملون طريقهم.

ما نتمناه اليوم أن يعود جميع الطلبة. لن يكون هناك باب مسدود، لكن إذا لم نجد حلا رغم كل ما تم منحه، سنتعامل مع الأفراد كل حسب اختياراته.

هل يمكن إيجاد حلول للزمن الضائع في حالة تم التوافق بينكم وبين الطلبة؟

هناك أمور لها حلول مثل إعادة الامتحانات، هناك أمور هي حصيلة وزمن ضائع لا يمكن تعويضه. مثلا، إجراء ستة أشهر تداريب في المستشفيات لا يمكن تعويضها، يجب إجراؤها كاملة، فهذه صحة المواطنين، وهو أمر يعبر عنه حتى الطلبة في تصريحاتهم، إذ يطالبون بجودة التكوين، وبالتالي لا بد أن يعوضوا تداريبهم كاملة حرصا على جودة التكوين وحماية للمواطن.

رسالة ترغبون في توجيهها إلى الطلبة

الرسالة واضحة؛ أنا مواطن مغربي يحز في نفسي أن أرى بلادي التي لها إمكانيات كبرى للتطور والتي نطمح أن نراها كيفما نرغب، تعيش بعض العراقيل الظرفية هكذا. هي ظرفية سنتجاوزها.

هؤلاء طلبة لهم إمكانيات كبيرة في الفهم وفي التحليل وفي كل شيء، وبالتالي أدعوهم ألّا يركزوا فقط على العاطفة وأن يسمعوا هذه ويروا أين توجد مصلحتهم.

المصلحة هي اختيار شخصي، وبما أنهم طلبة راشدون قادرون على اتخاذ القرار، فكل واحد منهم يجب أن يتحمل مسؤولية القرار الذي أتمنى أن يكون هو الخيار الصائب إن شاء الله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق